اقتصاد المعرفة - قضية تؤثر على التعليم

0

اقتصاد المعرفة  - قضية تؤثر على التعليم

في حين كانت الأرض، والعمالة، ورأس المال هي العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم، أصبحت الأصول المهمة في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية، والإبداع، والذكاء، والمعلومات وصار للذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال، أو المواد أو العمالة  .
ومن المهم التمييز بين مستويين أو دلالتين مختلفتين لتعبيري " اقتصاد المعرفة "و " الاقتصاد القائم - أو المبني - على المعرفة" فالأول اقتصاد المعرفة هي ما يتعلق باقتصاديات عمليات المعرفة ذاتها، سواءً من حيث التكاليف العملية المعرفية أو الذهنية ، والثاني تعبير الاقتصاد القائم على المعرفة فهي تذهب إلى معنى أكثر اتساعا ورحابة بحيث تشمل حجم قطاعات المعرفة والمعلومات والاستشارات الذهنية داخل نسيج الاقتصاد .
لقد أضحى اقتصاد المعرفة (Knowledge Economy) رافداً معرفياً جديداً سواء على صعيد النظرية الاقتصادية والأطر الفكرية والمنهجية، أو على مستوى التطبيقات العملية ومجالات السريان، كما يعُد أداة محورية في قياس مدى قدرة الدول على حيازة أسباب التقدم وامتلاك ناصية مقوماته اللازمة لنجاح خططها وبرامجها للتنمية الاقتصادية الشاملة، الأمر الذي دعى الكثير إلى وضع أُطر نظرية له وضبط أبعاده التأصيلية على مستوى الفكر الاقتصادي وتجسيد آلية تطبيقه .
وقد عرف الخوالدة وَ الزيودي (2012 م ) اقتصاد المعرفة  بأنه الاقتصاد الذي يدور حول الحصول على المعرفة والمشاركة فيها ، واستخدامها وتوظيفها وابتكارها وإنتاجها بهدف تحسين نوعية الحياة بمجالاتها المختلفة بالإفادة من خدمة معلومات ثرية وتطبيقا تكنولوجية متطورة واستخدام لعقل البشري كرأس مال معرفي ثمين .
وبناءً على ما تقدم، فإن اقتصاد المعرفة في الأساس يقُصد به أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، واقتصاديات المعرفة تعتمد على توافر تكنولوجيا المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار و الرقمنة، وعلى العكس من الاقتصاد المبني على الإنتاج، حيث تلعب المعرفة دوراً أقل، وحيث يكون النمو مدفوعا بعوامل الإنتاج التقليدية، فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية، أو رأس المال البشري، هي أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد الجديد، المبني على المعرفة، وفي الاقتصاد المبني على المعرفة ترتفع المساهمة النسبية للصناعات المبنية على المعرفة أو تمكينها، وتتمثل في الغالب في الصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة والرفيعة .
ويمكن القول أن دخول البشرية مرحلتها الحالية  في ظل ما يدعى باقتصاد المعرفة لا يتعدى كونها ذلك التصرف اللاإرادي – المدعم بالقوى المتحكمة في مسيرة التاريخ البشري - الداعي لرد الاعتبار للمعرفة بمفهومها العام باعتبارها رأس مال معرفي كعامل أساس في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تكديس ثروة معرفية تدعم آليات الإنتاج المادية داخل الاقتصاد الوطني .
ويستند الاقتصاد المعرفي في أساسه على أربعة ركائز، وهي:
1. الابتكار (البحث والتطوير): نظام فعال من الروابط التجارية مع المؤسسات الأكاديمية وغيرها من المنظمات التي تستطيع مواكبة ثورة المعرفة المتنامية واستيعابها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية .
2. التعليم: وهو من الاحتياجات الأساسية للإنتاجية والتنافسية الاقتصادية، حيث يتعين على الحكومات أن توفر اليد العاملة الماهرة والإبداعية أو رأس المال البشري القادر على إدماج التكنولوجيات الحديثة في العمل، وتنامي الحاجة إلى دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلا عن المهارات الإبداعية في المناهج التعليمية وبرامج التعلم مدى الحياة.
3. البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات : التي تسهل نشر وتجهيز المعلومات والمعارف وتكييفها مع الاحتياجات المحلية، لدعم النشاط الاقتصادي وتحفيز المشاريع على إنتاج قيم مضافة عالية .
4. السلطة الرشيدة: والتي تقوم على أسس اقتصادية قوية تستطيع توفير كل الأطر القانونية والسياسية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو، وتشمل هذه السياسات التي تهدف إلى جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أكثر إتاحة ويسر.

مؤسسات رائدة ونماذج مشرقة:

بالرغم من غياب الممارسات المؤسسية وضعف الغطاء التشريعي الضامن لتقدم مجتمع المعرفة في البلدان العربية، إلا أننا نجد أن العديد من المحاولات والإضاءات المؤسسية الرامية إلى احتضان المبادرات المعرفية وتحفيزها وتعميقها، بدأت دول عربية عدة تولي أهمية خاصة لدور العلوم والتكنولوجيا في خدمة التنمية ويتجلى ذلك في إنشاء وتطوير العديد من مجالس العلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى الصناديق الداعمة لها.
* ففي المملكة العربية السعودية هناك العديد من المبادرات، مبادرة مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين (موهبة) ورسالتها الأساسية هي اكتشاف المواهب ورعايتها ، وقد قامت بنشر مجلة (موهبة) وترجمة العديد من الكتب ذات الصلة بالموضوع إلى اللغة العربية وأنشأت المؤسسة قسما لدعم المخترعين السعوديين، وساعدت أكثر من 200 مخترع ومخترعة من خلال رعايتها لهم وتعريفهم بالمستمرين واستصدار براءات اختراعهم وجعل المعرفة في خدمة التنمية وطريقا لتحقيقها .
* و في الأردن نجد مركز الأميرة بسمة لموارد الشباب، الذي تأسس سنة 2004 ويعد الأول من حيث تخصصه في برامج الشباب ويعرف إقليميا بحيويته ومنهاجه الإبداعي والتمكيني وقد أطلق المركز أول نادي للكمبيوتر إنتل الذي يعتبر رائدا في الاهتمام بثقافة المعلومات واستخدامها في التنمية ويعتبر هذا المركز الطرف  الأساسي في الشراكة مع المؤسسة الدولية للشباب.
ويعد مشروع التطوير التربوي نحو اقتصاد المعرفة من أهم برامج التطوير التربوي التي شهدها النظام التربوي الأردني / ومن أكبر المشاريع التطويرية التربوية على مستوى المنطقة والعلام العربي ، ويعد أحد التوجهات الحديثة التي تبنتها وزارة التربية والتعليم في تطوير التعليم بمجالاته كافة ، واحتل هذا المشروع مكانة متميزة وأهمية كبيرة وأهمية كبيرة ، إذ يمثل مشروعاً شمولياً تكاملياً للتحول التربوي القائم على الالتزام الوطني ، بالسعي نحو تحقيق أهداف التطوير النوعي للتعلم وفق مراحل زمنية محددة .
امتد المشروع من 2003 ــ  2015 م  مقسم على مرحلتين ، الأولى من 2003 م إلى 2009م  ، بينما الثانية من 2010م إلى 2015 م  ويتم التركيز في هذه المرحلة على توسيع وتعميق الأثر النوعي للبرنامج في مرحلته الأولى ، والتركيز على دور المدارس ومديريات الميدان للإصلاح  ( إدارة الأداء ، وتحسين وتطوير مشاركة المجتمعات المحلية ) وقد تضمن خمس مكونات :
-          تأسيس نظام وطني لتطوير مبني على المدرسة  - برنامج تطوير المدرسة والمديرية –
-          المتابعة والتقييم والتطوير المؤسسي .
-          تطوير التعلم والعليم .
-          تطوير البرامج الخاصة ( الطفولة المبكرة ، التعليم المهني ، التربية الخاصة )
-          تحسين البيئة التعليمية المادية .



اقتصاد المعرفة وتحديات البلدان العربية :
و تتجلى أهم التحديات فيما يسمى بالبنية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية والمتمثلة في الآتي :
         نمط الإنتاج المتسم باستنضاب المواد الخام "استخراج النفط"، فالبعض يعتمد بشكل كلي ومباشر على النفط ( الدول المنتجة للنفط )، والبعض يمثل فيه النفط نسبة عالية من الموارد، وأخرى تعتمد على تحويلات العاملين في دول النفط.
         تركز الإنتاج في الأنشطة الأولية ( الزراعة، السلع الاستهلاكية)، مما يعني انخفاض الطلب على المعرفة والاستثمار فيها، وبالتالي تعطيل منظومة المعرفة وافتقار النشاط الاقتصادي لها.
·         تدنى معدلات النمو الاقتصادي وصغر حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي .


المراجع :
الخوالدة ، تيسير ؛و الزيودي ، ماجد (2012م ) .النظام التربوي الأردني في الألفية الثالثة . مكتبة الحامد ، عمان ، الطبعة الأولى .

علةَّ ، مراد . (2011م ). جاهزية الدول العربية للاندماج في اقتصاد المعرفة دراسة نظرية تحليلية . ورقة عمل مقدمة للمؤتمر العالمي الثامن للاقتصاد والتمويل الإسلامي" النمو المستدام والتنمية الاقتصادية الشاملة من المنظور الإسلامي "المنعقد في: الدوحة، قطر، خلال الفترة من 18 إﻟﻰ 20 دﻴﺴﻤﺒر 2011م .

0 التعليقات: