حضارة المسلمين
0
.. حضارة
المسلمين ..
الحضارة (Civilization) في اللغة: تعني الإقامة في الحضر، والحضارة ضد البادية، ولهذا فقد تعددت تعريفات
الحضارة وتنوعت تبعًا لذلك دلالاتها بتنوع تعريفاتها، فرأى بعض الباحثين أنها مدى
ما وصلت إليه أمة من الأمم في نواحي نشاطها الفكري والعقلي من عمران وعلوم وفنون
وما إلى ذلك، وهذا يعني أن الحضارة حسب هذا التعريف تختص بالجانب المادي فقط.
وعرفها آخرون بأنها: المظاهر الفكرية التي تسود أي مجتمع، وهذا يعني أن الحضارة
مرادفة للثقافة ومقتصرة على الجانب الفكري أو المعنوي فقط.
أما
الحضارة الإسلامية (The Islamic
Civilization) بأنها:
ما قدمه المجتمع الإسلامي
(social Islamic) للمجتمع البشري من قيم ومبادئ، في الجوانب الروحية والأخلاقية،
فضلاً عما قدمه من منجزات واكتشافات واختراعات في الجوانب التطبيقية والتنظيمية، فيعتبر
التاريخ الإسلامي هو أفضل تاريخ
عرفته الأرض، وهذه الحقيقة تتجلى عندما ننظر إليها في سياق بشريته، والتاريخ هو
حياة مجموع البشر أو الناس الأحياء، وليس رصدًا لتاريخ أوهام أُسطورية، بل هو
تاريخ ناس واقعيين، عاشوا على الأرض، وكانت لهم أشواق رُوحية وغرائز بشرية!
وعندما ننظر بهذا التقويم
الموضوعي، سنجد أن عصر الرسالة والراشدين (1 - 41هـ)، هو أفضل عصور التاريخ البشري
على الإطلاق، ولا يساويه إلا حياة الأنبياء عليهم السلام وقد تقترب منهم حياة
حواريي الأنبياء من الدرجة الأولى، ولم يحظَ أيُّ نبيٍّ بهذا الجمع العظيم الذي
صنعه رسول
الله r، فقد كان القمة المثلى للحضارة الإسلامية.
فجاء عصر الأمويين (41-
132هـ)، فبقِي عصر الأمويين بهؤلاء العظماء، وكانت الحياة الدينية والاجتماعية في
القمة، حيث تمَّت أعظم الفتوحات التي قام بها الشعب المسلم تحت قيادة بني أُمية عن
رضا وطواعية.
فلما جاء العباسيون (231- 656هـ) مضت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية، بقيادة الشعب المسلم في
مجراها الطبيعي، فنهرُ الحضارة الدافق لا يخضع للتحولات السياسية بقيام دولة أو
سقوط أخرى، حيث نشروا الحضارة الإسلامية، وامتدَّت في عهدهم حركة سلمية دعوية لنشر
الإسلام. لكنهم وقعوا في خطأين:
·
أولهما: حركة الترجمة إلى
العربية من دون ضوابطَ كافية، ومن دون حركة ترجمة مضادة تنشر العقيدة
·
وثانيهما: إشغال الأمة
بفتنة خلق القرآن، واستعمال العنف والقسوة، وترْك الحبل على الغارب للمعتزلة
المنهزمين أمام المقولات الفلسفية!
وجاء الزنكيون والأيوبيون والمماليك، ثم جاء العثمانيون، الذين عاشوا خمسة قرون حتى سقَطوا سنة 1924م،
فكان للجميع بعض السلبيَّات، لكنهم قدموا للإسلام أعظم الخدمات، وصدوا عنه أشنعَ
الغارات.
ومازال
الإسلام - بفضل هؤلاء الأسلاف - موجودًا إلى الآن، يُصارع المِحن، ويمتص المؤامرات
الخبيثة، ويُفلت بالمسلمين - تحت رايته الخفَّاقة، فا امتد إلى كل قارات الأرض
بفضْل الأمة الداعية، وينتصر حتى مع الهزائم السياسية والعسكرية، هذا التاريخ
الصامد، وهذا الإسلام الفاتح، وهذه الحضارة المثلى التي صهَرت الجوانب الوجدانية،
والعقلية، والروحية، والفردية، والاجتماعية في بَوتقة واحدة، وحقَّقت للإنسان
إنسانيَّته، فكانت مشرق النور - رُوحًا وعقلاً - لكل الدنيا لأكثر من عشرة قرون.
بِمَ
سنمضي في مجالات صراع الأُمم وحوار الحضارات؟
إن أسلافنا هم
أجدادنا، وإن حضارتنا هي قسماتنا الحضارية التي نتميَّز بها ونحن نصنع حضارتنا
المعاصرة التكنولوجية والإنسانية؛ فهي التي تدل علينا، وتؤكِّد أننا شريحة خاصة من
البشر، ولسنا عبيدًا تابعين، قد ضاعت ملامحهم، وقال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ سور ة آل عمران: 110، وقوله سبحانه
حق. إلا أنه في الآونة الأخيرة أخذ الإعلام الغربي يكيد للإسلام والمسلمين ويصفهم
بأنهم يعانون من عقدة الصراع بين الحضارات . وهذا القول المعلن لا يتصف بالمصداقية
أو حسن النوايا. فرسولنا الكريم r أتى برسالته السماوية التي حررت البشر من الظلم
والقهر والعبودية وحققت العدل والمساواة والحرية . وجعل للإنسان حقوقه المكفولة
تحت ظلال الإسلام لأول مرة في التاريخ الإنساني كله.لهذا حقق المسلمون حضارتهم
التي أصبحت ثبتا مثبتا في سفر الحضارة الإنسانية.
كما أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليًّا، هم - بعد إمام الدعوة، ورسول الإنسانية
r قدوتنا وعظماؤنا، فكذلك ننظر إلى من جاء بعدهم،
فهم دونهم، لكنهم أزكى منَّا، وقدوتنا، فهم من خير القرون، ومن الصحابة والتابعين، ومن الأسلاف المجتهدين، مصيبين كانوا
أو مخطئين، وكذلك نربي الأمة على الانتماء لحضارتها وصُنَّاعها والاعتزاز بهم، دون
أن نُقدسهم أو نرتفع بهم إلى درجة العِصمة، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله، خاتم
النبيين r فمؤرِّخينا
ومفكرينا المنتمين الواعين بسنن الله في التقدم، يجب أن يُجندوا أنفسهم للذَّود عن
هذا التاريخ، وهذه الحضارة، وأن يُحسنوا كذلك توظيفهما للانبعاث الحضاري العصري
المنشود.
ولما
كانت رسالة الإسلام هي خاتمة الرسالات السماوية، فمن الضروري أن تكون الحضارة
القائمة على هذه الرسالة حضارة متطورة، تستطيع أن تسعى كل تطورات الحياة
الإنسانية؛ وتحقق ما يخدم المجتمع الإنساني
(Social Humanities) ،
بحيث تواجه ما يجدّ في حياة البشر من تطورات في شتى المجالات، ولا تقف جامدة أمام
متغيرات الحياة البشرية في واقعها الفردي والاجتماعي، ولذلك أقامت أساس تشريعاتها،
وقوانينها، وآدابها على أصلين ثابتين هما: الكتاب والسنة، فنرى المبادئ والأصول
الكلية جميعها تعود إليهما.
فالحضارة
الإسلامية كانت لها آثار بالغة في الحضارة الغربية، تتمثل في: تأثير مبادئ الحضارة
الإسلامية تأثيرًا كبيرًا في حركات الإصلاح الدينية التي قامت في أوروبا منذ القرن
السابع الميلادي حتى عصر النهضة الحديثة، فالوقت الذي كان علماء المسلمين يتحدثون
في حلقاتهم العلمية ومؤلفاتهم عن دوران الأرض وكرويتها وحركات الأفلاك والأجرام
السماوية، كانت عقول الغربيين تمتلئ بالخرافات والأوهام عن هذه الحقائق كلها، ومن
ثم ابتدأت حركة الترجمة من العربية إلى اللاتينية، وغدت كتب علماء المسلمين تدرس
في الجامعات الغربية.
واليكم هذا الفيديو الذي
يتحدث عن علماء المسلمين والعرب:
المراجع:
·
حضارتنا
ليست للبيع. (2013م). على الرابط التالي:
·
علوم
الحضارة الإسلامية ودورها الإنساني. (2013م). على الرابط التالي:
·
عبقرية
الحضارة الإسلامية. (2013م). على الرابط التالي: